تنصيب اوباما يفتح صفحة جديدة في علاقات البيض والسود

اتلانتا (رويترز) - اي شخص يبحث عن دليل على التغير الذي قدمته الولايات المتحدة بانتخاب امريكي من اصل افريقي رئيسا للبلاد ربما يبدأ من البيت الابيض نفسه.. فقد شيد المبنى قبل 200 عام بيد العبيد السود.

ويمثل تنصيب باراك اوباما يوم الثلاثاء لحظة شعور بالارتياح للبلاد. فالكثيرون يأملون ان تكون علامة على تخلص امريكا من الام المخاض المتعلقة بقضية اللون التي ترجع جذورها الى ما قبل تأسيس الدولة نفسها.

وسارع الرئيس المنتهية ولايته جورج بوش بالتطرق لهذه القضية في خطاب وداعه قائلا ان قصة اوباما - والده الاسود من كينيا وامه البيضاء من كانساس - تمثل "الوعد الثابت لارضنا."

وبالنسبة للامريكيين السود فان اللحظة مؤثرة على الاخص.

وقال لورانس كارتر راعي كنيسة مارتن لوثر كنج الدولية بكلية مورهاوس بأتلانتا "عندما يرفع باراك يده فعلى كل شخص اسود في البلاد ان يرفع يده نظرا لان وجود احساس جديد بالفخر لدينا لكوننا امريكيين لم يكن موجودا من قبل."

وتحكى رحلة الامريكيين الافارقة من العبودية الى الحرية عبر الفصل العنصري والاعدام من غير محاكمة الى الحقوق المدنية والتصويت وبعض النفوذ السياسي وانتهاء بالرئاسة على انها انتصار الامل على الشدة والمحنة.

ووطأت اقدام العبيد الافارقة امريكا للمرة الاولى عام 1619 وبعد 200 عام تقريبا ساعد نسلهم وكانوا لا يزالون مستعبدين في انشاء اكبر مبنيين من حيث القيمة في البلاد وهما البيت الابيض والكابيتول مبنى الكونجرس.

وفي بعض النواحي يضع ارث اوباما الرئيس المنتخب خارج الخبرة الرئيسية للامريكيين الافارقة فوالده أتى الى الولايات المتحدة كطالب اجنبي وتطور فهم اوباما لهويته العنصرية عبر شبابه.

لكن ذلك لم يمنع الامريكيين السود الذي يشكلون 13 في المئة من السكان من النظر له على انه وسيلة لتحقيق امالهم الشخصية.

واوباما نفسه لم يبتعد عن موضوع اللون لكنه لم يجعله نقطة ارتكاز لحملته.

وفي خطاب كبير في مارس اذار الماضي عندما كان اللون يهدد بنسف محاولته للفوز بترشيح الحزب الجمهوري للانتخابات الرئاسية وصف اوباما الموضوع بأنه وجه من التاريخ والحياة الامريكية "لم نتعامل معه بالفعل بشكل صحيح على الاطلاق."

واضاف "انه مأزق عنصري علقنا به لسنوات. لكني اؤكد على قناعة راسخة.. قناعة متجذرة في ايماني بالله وايماني بالشعب الامريكي.. الا وهي ان العمل معا بوسعه تجاوز جروحنا العنصرية."

وبتنحية الفخر والرمز جانبا فان كثيرين يتساءلون عن الفارق الذي ستحدثه رئاسة اوباما فيما يتعلق باللون.

فقد يصلح اوباما بعض الاختلالات الصارخة التي توجد بين الاقلية السوداء والاغلبية البيضاء من السكان عبر اصلاحات مثل رعاية صحية شاملة وقد تخفف الشكوك وسوء التفاهم بين البيض والسود.

لكنه يواجه مخاطر سياسية في ملاحقة اي من الهدفين وفقا لما قاله ساسة وزعماء لحقوق الانسان ومعلقون تحدثوا في سلسلة من المقابلات.

وكثيرة هي الدلائل على وجود عدم المساواة العنصرية في الولايات المتحدة. وقد ولدت كثير من الاعمال الاكاديمية وجيش من الباحثين الاجتماعيين يجاهدون لفهمها والتغلب عليها.

فعلى سبيل المثال فان متوسط الدخل للاسرة البيضاء يبلغ 64427 دولارا اما بالنسبة للاسرة السوداء فيقل بأكثر من الثلث عن هذا المبلغ ليصل الى 40143 دولارا وذلك طبقا لبيانات من مكتب الاحصاء الامريكي لعام 2007.

وصوت السود بأغلبية كاسحة لاوباما وبعد ثماني سنوات من ادارة بوش الجمهورية يقول كثيرون انهم يريدون معالجة التفاوت في الرعاية الصحية والدخل والعدالة والتعليم.

وقال ال شاربتون زعيم الحقوق المدنية ان الفشل في معالجة هذه القضايا سيكون له عواقب مدمرة.

وقال شاربتون "الشيء الاسوأ الذي يمكن ان يحدث هو ان يكون امامنا اربع سنوات (فترة ولاية اوباما) ولا نسد فجوة اللون وامريكا تقول.. لدينا رئيس امريكي افريقي و.. قضايا اللون والتفاوت لم.. يجر التعامل معها بجدية."

واضاف "لا اعتقد ان ذلك بصدد الحدوث لاني اعتقد ان قلب الرئيس هناك ومن منا لا يزال في الميدان (كزعماء للحقوق المدنية) لن يسمح بحدوث ذلك."

لكن اذا اتبع اوباما جدول اعمال جمهور ناخبيه المتحمسين فانه قد ينفر بعض البيض الوسطيين الذين صوتوا له.

وبالفعل يقول 73 في المئة من الناخبين ان الامريكيين السود سيكسبون نفوذا في ظل اوباما وذلك طبقا لاستطلاع للرأي هذا الشهر اجراه مركز ابحاث بيو.

وقالت ميليسا هاريس لاسويل استاذة العلوم السياسية بجامعة برينستون ان عددا غير متناسب من الامريكيين السود يفتقرون الى التأمين الصحي وان الرعاية الصحية الشاملة هي اصلاح من شأنه ان يساعد في حال تطبيقه الامريكيين الافارقة اكثر من اي شيء اخر تقريبا.

لكنها واخرين سلموا بأن جدول اعمال اوباما سيكون مزدحما جراء اشد حالة ركود تشهدها البلاد خلال عقود من الزمن حيث سيكون التراجع الاقتصادي الشديد اول تحد جديد يواجه الرئيس.

وقال ارثر ديفيز وهو عضو ديمقراطي اسود مجلس النواب عن ولاية الاباما وأحد مؤيدي اوباما انه يأمل ان يمسك اوباما العصا من المنتصف ويقاوم الضغط من اي جماعة مجادلا بأن التوقع الرئيسي للامريكيين السود من اوباما هو ان يظهر كفاءة في القيادة.

واضاف "لم ينتخب ليكون زعيما اسود. لقد انتخب ليكون رئيسا للولايات المتحدة."