يسأل كثير من أصدقائنا عن معنى عبارة "المسيح ابن الله" فيجب علينا أولاً أن نقول بكل تأكيد: إننا لا نعتقد مطلقاً بأن المسيح هو ابن الله من الناحية الجسدية، أي بالمفهوم البشري، بمعنى أن الله تزوج وانجب أولاداً!
إننا نستعمل كلمة "ابن" هنا بالمعنى المجازي والروحي ولفهم هذه الطريقة لاستعمال كلمة "ابن" نقدم بعض الأمثلة الأخرى لهذا النوع من التعبير. نقول عن المسافر إنه "ابن السبيل" فهو ليس بالمعنى الحرفي ابن الطريق ولكن توجد هناك علاقة بينه وبين الطريق.
من جهة أخرى فإننا نقرأ في الإنجيل أن المسيح أطلق على اثنين من تلاميذه، وهما يعقوب ويوحنا، اسم "ابني الرعد". فهل يعني هذا أن الرعد له أولاد؟ بالطبع لا، ولكن كانت لهذين التلميذين طبيعة نارية كطبيعة الرعد نفسه وغيرة راعدة وحماسة عظيمة.
قال المسيح أيضاً لتلاميذه قبل موته بقليل:
"النُّورُ بَاقٍ مَعَكُمْ وَقْتاً قَصِيراً. فَوَاصِلُوا سَيْرَكُمْ مَادَامَ النُّورُ يُشْرِقُ عَلَيْكُمْ، لِئَلاَّ يُطْبِقَ عَلَيْكُمُ الظَّلاَمُ، فَإِنَّ الَّذِي يَمْشِي فِي الظَّلاَمِ لاَ يَعْلَمُ أَيْنَ يَذْهَبُ. آمِنُوا بِالنُّورِ مَادَامَ النُّورُ مَعَكُمْ، فَتَصِيرُوا أَبْنَاءَ النُّور." (الإنجيل كما دونه يوحنا 12: 35-36)
لا يعني المسيح أننا نصير أبناء النور بالمعنى الحرفي ولكن، إذا آمنا به وبكلامه وطبقناه في حياتنا، يدخل النور الحقيقي في قلوبنا، ونصير نوراً للعالم.
إذن ما هو معنى عبارة "ابن الله" المجازي الروحي الذي يقصده الكتاب المقدس؟1. يذكرنا هذا التعبير بطريقة ولادة المسيح المعجزية.لم يولد إنسان كما ولد المسيح، فعندما جاء الملاك جبرائيل إلى العذراء مريم لكي يبشرها بأنها ستحبل وتلد ابناً، خافت مريم، فقال لها الملاك:
«لاَ تَخَافِي يَامَرْيَمُ، فَإِنَّكِ قَدْ نِلْتِ نِعْمَةً عِنْدَ اللهِ! وَها أَنْتِ سَتَحْبَلِينَ وَتَلِدِينَ ابْناً، وَتُسَمِّينَهُ يَسُوعَ. إِنَّهُ يَكُونُ عَظِيماً، وَابْنَ الْعَلِيِّ يُدْعَى، وَيَمْنَحُهُ الرَّبُ الإِلهُ عَرْشَ دَاوُدَ أَبِيهِ، فَيَمْلِكُ عَلَى بَيْتِ يَعْقُوبَ إِلَى الأَبَدِ، وَلَنْ يَكُونَ لِمُلْكِهِ نِهَايَةٌ». فَقَالَتْ مَرْيَمُ لِلْمَلاَكِ: «كَيْفَ يَحْدُثُ هَذَا، وَأَنَا لَسْتُ أَعْرِفُ رَجُلاً؟» فَأَجَابَهَا الْمَلاَكُ: «الرُّوحُ الْقُدُسُ يَحِلُّ عَلَيْكِ، وَقُدْرَةُ الْعَلِيِّ تُظَلِّلُكِ. لِذلِكَ أَيْضاً فَالْقُدُّوسُ الْمَوْلُودُ مِنْكِ يُدْعَى ابْنَ اللهِ (لوقا 1: 30-35)
المسيح حُبل به من الروح القدس، أي من الله، ووُلد من عذراء دون أن تعرف رجلا. فولادته توقفت على قدرة الله وقصده الأزلي وهذا يعني أن المسيح اكثر من مجرد إنسان أو نبي عادي.
2. مهمته الفريدة.كان المسيح هو الشخص الذي عينه الله منذ الأزل من أجل مهمة فريدة. فبعد أن حبلت مريم قبل أن تتزوج، ظهر الملاك جبرائيل إلى يوسف خطيبها وقال له:
«يَا يُوسُفُ ابْنَ دَاوُدَ! لاَ تَخَفْ أَنْ تَأْتِيَ بِمَرْيَمَ عَرُوسِكَ إِلَى بَيْتِكَ، لأَنَّ الَّذِي هِيَ حُبْلَى بِهِ إِنَّمَا هُوَ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ. 21فَسَتَلِدُ ابْناً، وَأَنْتَ تُسَمِّيهِ يَسُوعَ، لأَنَّهُ هُوَ الَّذِي يُخَلِّصُ شَعْبَهُ مِنْ خَطَايَاهُمْ».24وَلَمَّا نَهَضَ يُوسُفُ مِنْ نَوْمِهِ، فَعَلَ مَا أَمَرَهُ بِهِ الْمَلاكُ الَّذِي مِنَ الرَّبِّ؛ فَأَتَى بِعَرُوسِهِ إِلَى بَيْتِهِ. 25وَلكِنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا حَتَّى وَلَدَتِ ابْناً، فَسَمَّاهُ يَسُوعَ.
(متى 20:1-21 و24-25)
كانت مهمة المسيح وحيدة من نوعها، ولم يستطع أي إنسان عادي أو حتى نبي على إنجازها لأنه جاء إلى العالم ليتمم قصد الله في فداء البشرية من لعنة الخطية ولهذا أستحق أن يدعى ابن الله.
3. هويته.ولكنه يوجد سبب آخر وأعمق لإطلاق هذا اللقب على المسيح وسوف يتضح هذا إذا فهمنا هوية المسيح الحقيقية. نقرأ في بداية الإنجيل بحسب الرسول يوحنا أن المسيح هو كلمة الله الأزلي الذي نزل إلى الدنيا وأصبح إنساناً.
فِي الْبَدْءِ كَانَ الْكَلِمَةُ، وَالْكَلِمَةُ كَانَ عِنْدَ اللهِ. وَكَانَ الْكَلِمَةُ هُوَ اللهُ . هُوَ كَانَ فِي الْبَدْءِ عِنْدَ اللهِ. بِهِ تَكَوَّنَ كُلُّ شَيْءٍ، وَبِغَيْرِهِ لَمْ يَتَكَوَّنْ أَيُّ شَيْءٍ مِمَّا تَكَوَّنَ. فِيهِ كَانَتِ الْحَيَاةُ. وَالْحَيَاةُ هَذِهِ كَانَتِ نُورَ النَّاسِ. وَالنُّورُ يُضِيءُ فِي الظَّلاَمِ، وَالظَّلاَمُ لَمْ يُدْرِكْ النُّور َ . وَالْكَلِمَةُ صَارَ بَشَراً، وَخَيَّمَ بَيْنَنَا، وَنَحْنُ رَأَيْنَا مَجْدَهُ، مَجْدَ ابْنٍ وَحِيدٍ عِنْدَ الأب، وَهُوَ ممتلئ بِالنِّعْمَةِ وَالْحَقِّ. (يوحنا 1: 1-5)
ومعنى جملة "الكلمة صار جسدا" هو أنه اصبح إنساناً في شخص المسيح. إذا المسيح هو إعلان الله الكامل في صورة آدمية وهذه هي الرؤية الحقيقية للمسيح فكما يشبه الابن أباه هكذا يشبه المسيح الله من كل ناحية ولذلك قال المسيح أيضاً إلى أحد تلاميذه: "من رآني فقد رأى الآب". ليس المسيح إنساناً وُلد في وقت معين فحسب، بل هو كلمة الله المتجسد وابن الله الذي يكشف عن الآب الذي لم يره أحد أبداً.
4. لقبه من الله نفسه.أخيراً نلفت أنظار أصدقائنا إلى أن هذا اللقب لم ينسبه المسيحيون إلى المسيح، بل أن الله هو الذي أعلن هذه الحقيقة. قرأنا عن رسالة الملاك جبرائيل الذي بشر مريم بخبر ولادة المسيح ابن الله. ولكن الله الآب نفسه اقر أن المسيح ابنه (بالمعنى الروحي الذي رأيناه طبعا) لدى معموديته على يد يوحنا المعمدان (يحيى بن زكريا).
وفِي تِلْكَ الأَيَّامِ جَاءَ يَسُوعُ مِنَ النَّاصِرَةِ بِمِنْطَقَةِ الْجَلِيلِ، وَتَعَمَّدَ فِي نَهْرِ الأُرْدُنِّ عَلَى يَدِ يُوحَنَّا. وَحَالَمَا صَعِدَ مِنَ الْمَاءِ، رَأَى السَّمَاوَاتِ قَدِ انْفَتَحَتْ، وَالرُّوحَ القُدُسَ هَابِطاً عَلَيْهِ كَأَنَّهُ حَمَامَةٌ، وَإِذَا صَوْتٌ مِنَ السَّمَاوَاتِ يَقُولُ: «أَنْتَ ابْنِي الْحَبِيبُ، بِكَ سُرِرْتُ كُلَّ سُرُورٍ! » (مرقس 9:1-11).
لم يكن هذا كلام إنسان بل صوت الله نفسه.
نرجو أننا نكون قد جاوبنا على أسئلة أصدقائنا عن هذا الموضوع بصفة كافية. ونكرر أننا في خدمتكم إذا استطعنا أن نساعدكم في الرد على أي استفسار عن الإنجيل.